إفراج مثير للجدل يُعيد تسليط الضوء على ماضٍ مؤلم
أعاد الإفراج عن المطرب الشعبي "جمال عساف"، الملقب بـ"البرنس"، الجدل حول مصير الشخصيات التي كانت تدعم نظام الأسد وتدافع عن جرائمه ضد الشعب السوري. وبعد اعتقال استمر لأسبوع، خرج عساف بمقطع فيديو جديد ينكر فيه تورطه بأي انتهاكات، معبراً عن شكره لكل من ساهم في الإفراج عنه. لكن هذه الخطوة لم تلقَ سوى استهجان واستياء كبيرين بين السوريين الذين لا يزالون يتذكرون أدواره المشينة في تمجيد النظام وتحريضه على قتل المدنيين.
من تمجيد الأسد إلى الاعتذار الزائف
عرف "جمال عساف" بلقب "المغني الشبيح" بسبب دوره البارز في تمجيد نظام الأسد وقوات ميليشياته خلال سنوات النزاع. كان عساف أحد أبرز الأصوات التي دعت إلى استخدام القوة العسكرية ضد المناطق المحررة مثل إدلب، حيث غنى أغاني تحريضية مثل "ثورتكم ثورة أندال" و"إدلب ستدفع الحساب". كما تباهى بمشاركته في المعارك إلى جانب قوات النظام، ودعا مراراً إلى استخدام البراميل المتفجرة ضد المدنيين.
مؤخراً، حاول عساف إعادة تشكيل صورته عبر نشر فيديو يعلن فيه تأييده للثورة السورية بعد انتصارها على نظام الأسد. وقال إنه "يقدم اعتذاره لرجال الثورة"، لكن هذه المحاولة جاءت متأخرة وغير مقنعة بالنسبة للعديد من السوريين الذين ما زالوا يحتفظون بسجل كامل من تصريحاته وأغانيه التحريضية على منصات التواصل الاجتماعي.
دور مشبوه في تمجيد النظام والميليشيات
لم يكن عساف مجرد مطرب شعبي، بل كان جزءاً من آلة الدعاية الإعلامية لنظام الأسد. أقام حفلات متعددة مع مطربين موالين للنظام مثل "حسام جنيد" و"علي الديك"، وأصبحت أغانيه تُبث بشكل مستمر في الإذاعة الداخلية للفرقة الرابعة التابعة للحرس الجمهوري. كما كان يحيي حفلات خاصة للجنود والميليشيات، مما جعله رمزاً للتشبيح والقمع.
ردود فعل شعبية غاضبة
أثار الإفراج عن عساف حالة من الغضب الواسع بين السوريين، الذين يعتبرون أن الإفراج عنه دون محاسبة يمثل إهانة لضحايا النظام السابق. وأكد العديد من النشطاء أن عساف ليس مجرد شخصية فنية، بل هو رمز لمرحلة سوداء من تاريخ سوريا، حيث تم استخدام الفن كأداة لتحريض المجتمع ضد بعضه البعض.
على وسائل التواصل الاجتماعي، طالب الكثيرون بضرورة وضع آلية واضحة لمحاسبة كل من تورط في دعم النظام أو تمجيده، سواء كانوا شخصيات إعلامية أو فنية أو حتى شركات وكيانات اقتصادية. وأشار البعض إلى أن عساف ليس الوحيد الذي حاول "تبديل ولائه" بعد سقوط النظام، حيث شهدت الفترة الأخيرة ظهور العديد من الشخصيات التي كانت تدعم الأسد وتتحدث الآن عن "حب الوطن".
ذاكرة رقمية لا تنسى
في عصر الإعلام الرقمي، أصبح من الصعب على أي شخصية أن تمحو ماضيها ببساطة. الصفحات الشخصية لعساف وما نشره من أغاني وتصريحات تحريضية لا تزال محفوظة على الإنترنت، وهي دليل واضح على دوره في تأجيج العنف ضد السوريين. وقد أكد النشطاء أن هذه الذكريات الرقمية يجب أن تكون أساساً لمساءلة كل من تسبب في إراقة الدماء أو تأجيج الفتنة.
نداء للمحاسبة والعدالة
وسط هذه الأجواء، طالبت فعاليات شعبية ومدنية بضرورة وضع حد لظاهرة "التكوير" (تبديل المواقف) التي يحاول من خلالها البعض الهروب من مسؤولياتهم السابقة. وأكدت هذه الفعاليات أن العدالة لا يمكن أن تتحقق إلا بمحاسبة كل من تورط في دعم النظام أو تمجيده، سواء كانوا أفراداً أو كيانات.