لبنان يشهد موجة تغيير لأسماء شوارع وساحات مرتبطة بالنظام السوري السابق

لبنان يشهد موجة تغيير لأسماء شوارع وساحات مرتبطة بالنظام السوري السابق

كشفت صحيفة "الشرق الأوسط" أن السلطات اللبنانية بدأت بتنفيذ خطوات لتغيير أسماء طرق رئيسية وشوارع وساحات كانت تحمل أسماء رموز النظام السوري السابق، وعلى رأسها اسم الرئيس الراحل حافظ الأسد. يأتي هذا التحرك في إطار مساعٍ لمحو الرموز التي تُذكر بالحقبة السورية التي امتدت على مدى عقود من النفوذ السياسي والأمني في لبنان.

بداية التغيير: نزع رموز الحقبة السورية

بدأت عملية إزالة أسماء آل الأسد عن الشوارع اللبنانية الشهر الماضي، حيث تم تغيير اسم الطريق التي تربط بلدة المديرج - حمانا ببلدة بزبدين في منطقة المتن الأعلى (جبل لبنان). وتهدف هذه الخطوة إلى استبدال الأسماء المرتبطة بالنظام السوري بأخرى تعكس هوية محلية أو تاريخية جديدة. وأكدت الصحيفة أن العملية تشمل كل معلم أو طريق يرمز إلى فترة النفوذ السوري في البلاد.

آلية التغيير: دور البلديات والمحافظين

أوضح محافظ جبل لبنان، القاضي محمد مكاوي، أن تغيير أسماء الشوارع والطرق يتطلب اتباع إجراءات معينة. وقال إن "أي تغيير يجب أن يتم بمبادرة من البلديات التي تقع هذه الطرق ضمن نطاقها الجغرافي". وأوضح أن الأمر يستلزم صدور قرار من المجلس البلدي، والذي يرفعه إلى المحافظ لمراجعته والتأكد من أسباب التغيير. وبعد الموافقة، يُحال القرار إلى وزارة الداخلية للمصادقة عليه ليصبح نافذاً.

رفض في الضاحية الجنوبية

على الرغم من هذه الجهود، لفتت الصحيفة إلى أن هناك مقاومة واضحة لتغيير اسم "جادة حافظ الأسد"، التي تربط مطار بيروت الدولي بوسط العاصمة بيروت. هذا الرفض يأتي بشكل خاص من بلديات الضاحية الجنوبية، مثل الغبيري وبرج البراجنة، التي تخضع لنفوذ "حزب الله"، الذي يحافظ على تحالف وثيق مع النظام السوري السابق.

استغرب مصدر في اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية ما وصفه بـ"الهجمة غير البريئة" على إزالة اسم حافظ الأسد عن الجادة، مشيرًا إلى أن "هذه المسألة لم تُطرح حتى الآن على اتحاد البلديات ولا على البلدية المعنية". وأضاف المصدر أن "من أطلق اسم حافظ الأسد على أوتوستراد المطار هو رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، وكان ذلك خلال احتفال رسمي وشعبي".

قراءة سياسية للتغيير

اعتبر المصدر أن ما يحدث اليوم يأتي في سياق "الانتقام من مرحلة ما زلنا نعدّ أنها حمت لبنان داخليًا وعززت مقاومته في وجه الاحتلال الإسرائيلي". وأشار إلى أن النظام السوري كان له دور محوري في تحقيق الانتصار وتحرير جنوب لبنان عام 2000، وهو ما يجعل بعض الجهات السياسية تنظر إلى هذه الخطوة كمحاولة لإعادة كتابة التاريخ.

جدل مستمر حول الهوية الوطنية

تغيير أسماء الشوارع ليس مجرد عملية إدارية، بل يعكس صراعًا عميقًا حول الهوية الوطنية والتاريخ المشترك بين لبنان وسوريا. فبينما يعتبر البعض هذه الخطوة ضرورية لطي صفحة الماضي وإعادة تعريف العلاقة مع سوريا على أسس جديدة، يرى آخرون أنها محاولة لمحو ذاكرة جيل كامل من اللبنانيين الذين عاشوا تحت ظل النفوذ السوري.

مستقبل العلاقة مع سوريا

يبقى السؤال المطروح: هل ستؤدي هذه الخطوة إلى إعادة تشكيل العلاقات اللبنانية-السورية بشكل جذري؟ أم أنها ستزيد من الانقسامات الداخلية في لبنان، خاصة بين القوى السياسية المؤيدة والمعارضة للنظام السوري؟

في الوقت الحالي، يبدو أن تغيير الأسماء يمثل بداية لمرحلة جديدة من إعادة النظر في الإرث التاريخي للنفوذ السوري في لبنان، لكنه أيضًا يعكس تعقيد المشهد السياسي اللبناني الذي لا يزال يتأثر بتفاعلات الماضي وتحديات الحاضر.


مقالات متعلقة