تنسيق مشبوه بين مؤيدي الأسد وإسرائيل: تحقيق يكشف حملة رقمية منظمة ضد القيادة السورية الجديدة

تنسيق مشبوه بين مؤيدي الأسد وإسرائيل: تحقيق يكشف حملة رقمية منظمة ضد القيادة السورية الجديدة

كشف تحقيق استقصائي أجرته منصة "إيكاد" عن وجود حملة رقمية منظمة تستهدف القيادة السورية الجديدة، تقودها ثلاث مجموعات رئيسية تعمل بشكل متوازٍ ومتناسق. هذه المجموعات، التي تضم حسابات تدعي تمثيل الطائفة العلوية، شخصيات مرتبطة بالنظام السابق ولجان صهيونية، بالإضافة إلى حسابات إسرائيلية وأخرى مؤيدة للصهيونية، تتشارك في نشر سرديات مضللة تهدف إلى تشويه صورة الإدارة السورية الجديدة وتقويض شرعيتها.

ثلاثة أطراف.. هدف واحد

أظهر التحقيق أن المجموعة الأولى تتكون من حسابات تدّعي تمثيل الطائفة العلوية، مثل "سوريا العلمانية"، "Alawite citizen"، "مرصد الساحل السوري"، و"الأحداث السورية". تركز هذه الحسابات على تصوير القيادة السورية الجديدة على أنها تهدد الأقليات، مع التركيز على "مظلومية العلويين" في ظل الحكومة الجديدة.

أما المجموعة الثانية فتضم شخصيات سورية وعربية داعمة لنظام الأسد المخلوع، مثل "محمد هويدي"، إلى جانب شخصيات لها ارتباطات مباشرة بشبكات صهيونية، مثل "كريم جاهين" و"سام يوسف". تعمل هذه الشخصيات على نشر معلومات مضللة بهدف إثارة الشكوك حول الاستقرار في سوريا بعد سقوط الأسد.

المجموعة الثالثة تتكون من حسابات إسرائيلية وأخرى مؤيدة للصهيونية، مثل "إيدي كوهين"، "مائير المصري"، و"صفوك الشيخ"، بالإضافة إلى حسابات وهمية تحمل هويات أقلوية، مثل "نصيري إسرائيلي" و"كوردستاني صهيوني". تسعى هذه الحسابات إلى تضخيم الخطاب المناهض للإدارة السورية الجديدة، مع الدعوة إلى تقسيم سوريا واستغلال الانقسامات الطائفية لتحقيق أهداف سياسية.

سرديات موحدة لتشويه الصورة

أكد التحقيق أن هذه المجموعات الثلاث عملت على تضخيم سرديات موحدة، أبرزها وصف القيادة السورية الجديدة بـ"عصابات الجولاني الإرهابية"، وربطها بتنظيمي داعش والقاعدة بهدف التشكيك في مشروعيتها. كما ركزت على استخدام مصطلحات مثل "الأقليات السورية" و"الساحل السوري" لإثارة مخاوف وجودية لدى مكونات معينة في البلاد.

كشف التحليل الرقمي عن تفاعلات متشابكة بين هذه المجموعات، حيث تتشارك الحسابات العلوية والإسرائيلية في تضخيم المنشورات المعادية للقيادة السورية الجديدة، ما يعكس تنسيقًا خفيًا بينهما. أظهرت البيانات أن الحسابات العلوية والإسرائيلية كانت الأكثر تفاعلًا مع بعضها البعض، بينما لعبت الشخصيات المركزية المرتبطة باللجان الصهيونية دور الوسيط في هذه الحملة.

تصاعد الحملة بعد سقوط الأسد

شهدت الحملة الرقمية تصعيدًا ملحوظًا بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، حيث لوحظ ارتفاع غير مسبوق في عدد الحسابات الجديدة التي تعمل على نشر هذه السرديات. أظهر تحليل التفاعل الرقمي زيادة كبيرة في الحسابات المضخمة التي تم إنشاؤها لدعم هذه الحملة، مع تسجيل ارتفاع مفاجئ في الحسابات الإسرائيلية والعلوية والمركزية خلال الفترة نفسها.

مواد مضللة وأهداف سياسية

نوّه التحقيق إلى أن هذه الحسابات لم تقتصر على مهاجمة القيادة السورية الجديدة فقط، بل عملت على إعادة نشر مواد إعلامية مضللة، مثل صور مفبركة تدّعي تورط مسؤولين سوريين في تنظيم داعش، أو مقاطع فيديو مزعومة عن استهداف المسيحيين في سوريا من قبل الحكومة الجديدة. كما كشفت "إيكاد" أن الحسابات الإسرائيلية والعلوية تضخم بشكل متزامن المنشورات التي تدعو إلى تقسيم سوريا، ما يشير إلى وجود جهة مركزية تنسق هذه السرديات بشكل مدروس.

أهداف الحملة

اختتم التحقيق بالإشارة إلى أن هذه الحملة ليست عشوائية، بل يقف وراءها تحالف رقمي بين حسابات تدعي تمثيل طوائف سورية، وشخصيات مرتبطة بشبكات إعلامية صهيونية، وحسابات إسرائيلية تعمل على توجيه الرأي العام نحو أهداف سياسية محددة. يبدو أن الهدف الأساسي هو زعزعة استقرار القيادة السورية الجديدة، وإثارة الانقسامات الطائفية، وتعزيز فكرة تقسيم سوريا كوسيلة لتحقيق أجندات خارجية.

قراءة في النتائج

يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن القيادة السورية الجديدة من مواجهة هذه الحملات الرقمية الممنهجة؟ وهل ستتمكن المجتمعات المحلية من التمييز بين الحقائق والسرديات المضللة التي يتم ترويجها عبر الإنترنت؟

التحقيق يسلط الضوء على أهمية تعزيز الوعي الرقمي ومواجهة الحرب الإعلامية التي تستهدف سوريا، خاصة في ظل التنسيق الواضح بين أطراف داخلية وخارجية تسعى إلى تحقيق أجندة سياسية على حساب استقرار البلاد.


مقالات متعلقة