أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، الجهة البارزة في توثيق الانتهاكات الإنسانية التي شهدتها سوريا خلال السنوات الماضية، تقريرًا حديثًا يحث وسائل الإعلام على الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية، والتوقف عن استضافة شخصيات دعمت نظام الأسد أو بررت جرائمه. وأكدت الشبكة أن هذه الممارسات الإعلامية تترك أثرًا نفسيًا سلبيًا عميقًا على الضحايا وأسرهم، وتعرقل الجهود المبذولة لتحقيق العدالة والمصالحة الوطنية في البلاد.
دور الإعلام في تأجيج معاناة الضحايا: تقرير حقوقي يحذر
في تقريرها الذي أصدرته يوم الأحد، أعربت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن قلقها العميق إزاء استضافة وسائل إعلامية لشخصيات فنية، ثقافية، ودينية معروفة بمواقفها المؤيدة لنظام الأسد. وأوضحت الشبكة أن هذه الشخصيات، التي دعمت النظام بشكل علني أو بررت انتهاكاته، تم استضافتها دون مطالبتها بتقديم اعتذار أو الاعتراف بمعاناة الضحايا، مما أدى إلى زيادة الشعور بالظلم لدى آلاف الأسر المتضررة.
ووفقًا للتقرير، فإن هذه الاستضافات تُظهر تجاهلًا واضحًا لآلام الضحايا الذين عانوا من الحرب المستمرة منذ 14 عامًا. كما أنها تمثل امتدادًا لسياسات النظام، ما يؤدي إلى تأجيج الغضب بين الناجين الذين يبحثون عن العدالة والإنصاف.
إحصائيات مرعبة: جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية
استعرض التقرير مجموعة من الإحصائيات المروعة حول الانتهاكات التي ارتكبها نظام الأسد منذ بداية الصراع في سوريا. وذكرت الشبكة أن النظام مسؤول عن مقتل أكثر من 203,000 مدني، بينهم 23,000 طفل، بالإضافة إلى إخفاء قسري لحوالي 115,000 شخص، من بينهم 8,500 سيدة.
كما أشار التقرير إلى استخدام النظام لأكثر من 82,000 برميل متفجر في قصف المدن والقرى السورية، مما تسبب في تدمير واسع النطاق للبنية التحتية وتهجير الملايين. هذه الجرائم، التي توصف بأنها جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، تعكس مدى الانتهاكات التي طالت الشعب السوري طوال أكثر من عقد.
تحذيرات من تبعات الاستضافة الإعلامية لشخصيات داعمة للنظام
أكدت الشبكة أن استمرار وسائل الإعلام في منح المنصات لشخصيات دعمت النظام أو أنكرت الجرائم المرتكبة يشكل خطرًا كبيرًا على الضحايا والمجتمع السوري ككل. فبدلاً من أن يكون الإعلام أداة لتسليط الضوء على الجرائم والمطالبة بالعدالة، تصبح هذه الاستضافات وسيلة لتبييض صفحة النظام، وهو ما يزيد من شعور الناجين بالإحباط واليأس.
وأضاف التقرير أن هذه السلوكيات الإعلامية قد تدفع بعض الضحايا إلى البحث عن الانتقام، ما يهدد بعودة دائرة العنف والكراهية في المجتمع. وشددت الشبكة على ضرورة أن تتحمل وسائل الإعلام مسؤوليتها الأخلاقية، من خلال التركيز على دعم الضحايا وإبراز معاناتهم بدلاً من استضافة شخصيات تحاول تبرير الجرائم.
المصالحة الوطنية تبدأ من الاعتراف والعدالة
تضمن التقرير دعوة واضحة لجميع الشخصيات التي دعمت نظام الأسد أو بررت انتهاكاته إلى اتخاذ خطوات جادة نحو المصالحة، تبدأ بالاعتذار الصادق للضحايا وأسرهم. وشددت الشبكة على أهمية أن تبتعد هذه الشخصيات عن الظهور الإعلامي كجزء من الجهود الرامية لتعزيز السلم الأهلي وتهيئة الظروف المناسبة للمصالحة الوطنية.
كما أكدت الشبكة أن تحقيق العدالة الانتقالية يتطلب توفير بيئة خالية من خطاب الكراهية والتحريض، مع التركيز على بناء مجتمع يقوم على أسس العدالة، المساواة، والاحترام المتبادل. وأوضحت أن الوقت قد حان لبدء عملية إعادة بناء سوريا بعيدًا عن سياسات الإقصاء والظلم التي اتبعها النظام السابق.